الـمُعَنْــعَن
وهو مِنْ عَنْعَنَ الحَدِيثَ إِذَا رَوَاهُ بِعنْ، وَلَا يقُولُ حَدَّثَني، وَلَا أَخْبَرنِي، وَلَا سَمعْتُ، وَلَا غَيرَ ذَلكَ، بَلْ يقُولُ مَثَلاً عَنْ ثَابتٍ عَنْ أَنسٍ.
وَاختَلفُوا في حُكْمِ الإسْنَادِ المُعَنْعَنِ: فذَهبَ بعضُ النَّاسِ ( )، وَعُزِِيَ إِلى بَعض المتَأخِرينَ منَ الفُقهاءِ ( ) إِلى عَدَمِ الاحْتِجَاجِ بِالإسنَادِ المُعَنْعنِ مُطْلَقًا، وَهذَا المَذهَب رَفضَهُ جمهُورُ المُحَدثِينَ، بَل جَمِيعُهُم( )، وَلَو اشتُرطَ ذَلِكَ لضَاقَ الأمْرُ جِدًا، وَلمْ يَتَحَصَّل مِنَ السُنَةِ إِلَا النَزْرُ اليَسِيرُ ( ).
وَأمَّا جُمهُورُ أَهلِ العِلْمِ فقَبلُوا الإسنَادَ المُعنْعَنَ بشُروطٍ ( ) هِيَ:
1 ـ عَدَالةُ المُحَدِّثينَ فِي أَحوَالهِم.
2 ـ لِقَاءِ بَعضِهمْ بَعْضًا، وَمُجَالسَتهِ، والسَّمَاعِ مِنْهُ.
3 وَأنْ يَكُونُوا بُرَاءٌ مِنَ التَّدْلِيسِ.
وَيَدْخُلُ في حُكْمِ السَندِ المُعَنْعَنِ عِندَ الجُمهُور مَا يُسَمَّى ((بِالمُؤنَّن)) وَهوَ الذِي يُقَالُ فيهِ: فُلانُ أنَّ فُلانًا قَالَ.
&&&&&
الـمُـبْـهَم
وَهوَ مَنْ أُبهمَ ذِكْرُ اسْمِه في سَنَدِ حَدِيثٍ أو مَتنِهِ مِنَ الرِّجَالِ أو النِّسَاءِ فَيُقَالُ فِيهِ عَنْ رَجُلٍ أوْ أنَّ رَجُلاً أو غَير ذَلِك .
وَسَبَبُ الإبهَامِ: ( ) إمَّا الاختِصَارُ، أو الشَّكُ، أو غَيرُ ذَلك.
والمُبهَم إمَّا أنْ يَكُونَ في السَّنَدِ ، أوْ يَكُونَ في المَتن.
أَمثِلَةُ مُبهَم السَّنَدِ: قُول الرَّاوِي مَثَلاً حَدَّثَني رَجُلٌ، أوْ حَدَّثنِي شَيخٌ مِن أهلِ اليَمَنِ، أو حدَّثنِي ابنُ فُلَان، أوْ حَدَّثنِي ابنُ أبي فُلَان ، أوْ حَدَّثنِي بَعضُ أصحَابنَا .
أَمثِلَة مُبهَم المَتنِ:
- قَول الصَّحَابي جَاءَ رَجُلٌ إِلى النَّبي - صَلَّى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّمَِ -.
- أو أقبَلَ رَجُلٌ إِلى النَّبي - صَلَّى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّمَِ -.
- أو مَرَّ رَجُلٌ بالنَّبي - صَلَّى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّمَِ -.
- أو سَأَلَ رَجُلٌ النَّبي - صَلَّى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّمَِ -.
- أو رَأيتُ رَجُلاً يقُولُ للنَّبي - صَلَّى الله عَلَيهِ وَعَلَى آلهِ وَسَلَّمَِ -.
- أو غَير ذَلِك.
وَالمبهَمُ في المتنِ: يُمَثَّلُ لَهُ بمَا أخرَجَهُ البُخَارِي وَمُسلِم مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ الله -صَلَّى الله عَليهِ وَعَلى آلِه وَسلَّم - كَانُوا فِي سَفَرٍ فَمَرُّوا بِحَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ العَرَبِ فَاسْتَضَافُوهُمْ فَلَمْ يُضِيفُوهُمْ، فَقَالُوا لَهُمْ: هَلْ فِيكُمْ رَاقٍ؛ فَإِنَّ سَيِّدَ الحَيِّ لَدِيغٌ أَوْ مُصَابٌ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: نَعَمْ فَأَتَاهُ فَرَقَاهُ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ.
كَذَا في ’’الصَّحِيحَينِ‘‘مِنْ رِوَايَةِ الإبهَامِ إِلَّا أنَّهُ قَدْ جَاءَ في بَعضِ الرِّوَايَاتِ التَّصرِيحُ بِالرَّاقِي ، وَأنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيّ.
وكَقَولِ ابنِ عَبَّاس: إنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ الله الحَجُّ كُلّ عَام؟
فَالرَّجُلُ هُو الأقرَع بن حَابِس( ) كما صَرَّحَت بهِ بَعضُ الرِّوَايَاتِ.
ويُستَدَلُّ عَلَى مَعْرفَةِ الشَّخصِِ المبهَمِ:
1- بِورُودِهِ مُسمَّى في بَعضِ طُرقِ الحَدِيثِ.
2- أوْ بِتنصِيصِ أهلِ السِّيَرِ عَلَى كَثيرٍ مِنهُم ( ).
تَـنـبـِيـهٌ:
الإبهَامُ له مَوقِعَانِ في السَّنَد:
الأوَّل: أنْ يَأتيَ الإبهَامُ في طَبقَةِ الصَحَابَة، فَيُقَالُ مَثَلاً: حَدَّثنِي رَجُلٌ صَحِبَ النَّبِي - صَلَّى الله عَليهِ وَعَلَى آلِه وَسلَّم -.
أوْ سَمِعتُ مَنْ صَحِبَ النَّبي - صَلى الله عَليهِ وَعَلَى آلِه وَسَلَّم -، فهَذَا لا يَضُر الإسْنَادَ، فَالصَّحَابَة كُلهُم عُدُول.
و الثَّاني: أنْ يَكُونَ الإبهَامُ دُونَ طَبقَةِ الصَّحَابَة كَطَبقَةِ التَّابِعينَ، وطَبَقَةِ أتبَاع التَّابعِين فَمَن دُونَهُم، فهذا ممَّا يضُر ويَكُونُ سندًا ضعيفًا.
حكم المبهَمُ في السَّندِ في غير طبقة الصحابة:
إذَا وَردَ في سَنَد حَدِيثٍ رَجُلٌ مُبهَمٌ، ثُمَّ وَرَدَت تَسمِيةُ هَذَا المبهَم مِن طَريقٍ أخرَى، فإننَا والحَالَةُ هَذِه ننظُر في هَذَا المبهَم الذي صُرِّحَ باسمهِ أثِقَة هُوَ أوْ ضَعِيف، فنَستَطِيع مِن خِلَالِه الحُكم عَلى الحَدِيث صِحَةً أو ضَعفًا.
&&&&&
الفـرق بـين المُبْـهَـم والمُـهْـمَـل:
أنَّ المبهَم لمْ يُذكَرْ لَهُ اسْمٌ كَمَا سَبَقَ تَفصِيلُهُ، وَالمُهمَل يُذْكَر اسمُهُ مَعَ الاشتِبَاهِ فيقُولُ البُخَارِيُ مثَلاً: حَدَّثنَا محمَّد، فهَذَا مُهمَل يحتَاجُ إِلى مَعرِفَة أبيهِ وَنَسَبهِ حتَّى نَعرِفَ مَنْ هُو لِكَي لَا يُشتَبهُ بِغَيرِه.
&&&&&